الحسن بن الحسن بن الهيثم
بقلم: العربى الصغير
الإسلام دين العلم والمعرفة، غير الله به المخاطبين وقت نزوله، وكل من يؤمن به إلى يوم القيامة، تغيراً جذرياً وسماً بأفكارهم إلى آفاق بعيدة لا يحدها زمان أو مكان، ودعا إلى العلم والبحث والنظر، ومن هنا كان المسلمون أصحاب ريادة في العلوم كلها فتعلموا الدين والعلم، ووظفوا العلم في خدمة الدين، ولم يجدوا إشكالية الصراع بين الدين والعلم كما هي في الحضارة الغربية، فأول ما نزل من القرآن قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم).
وبعد نصر الله في يوم الفرقان أطلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سراح بعض الأسرى مقابل تعليم عدد من أبناء المسلمين.
وبدأت الأمة تتحول تدريجياً من أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب ولا تحسب، وتستعيض عن ذلك بالحفظ إلى أمة تحفظ وتكتب وتحسب، وبلغت ترجمة العلوم المختلفة ذروتها في عهد الدولة العباسية.
وواصل علماء المسلمين تهذيب تلك العلوم، والإضافة عليها ولم يقفوا عند ذلك الحد بل أبدعوا واخترعوا أشياء كثيرة لم يسبقوا غليها، وبعد توقف تقدم الأمة الإسلامية لأسباب داخلية وخارجية شرع الغرب يبني حضارته العلمية على ما وقف عنده المسلمون، وفصل بين العلم والدين، ولم يكن نزيها في اقتباسه وإفادته من علوم المسلمين، حيث نسب كثيراً من اكتشافات علماء المسلمين إلى علمائه، وقليل من اعترف بسبق المسلمين في ذلك، وأكتفي هنا باعتراف علم من أعلامهم هو نيكسون ـ رئيس أمريكي سابق ـ حيث قال: (إنه بينما كانت أوربا ترتع في غياهب العصور الوسطى كانت الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها لقد أسهم الإسلام كثيراً في تقدم العلم والطب والفلسفة، ثم ينقل قول (ديور انت): إن المسلمين قد أسهموا مساهمة فعالة في كل المجالات وكان ابن سينا من أكبر العلماء في الطب ومثله الرازي، والبيروني، أعظم الجغرافيين، والحسن بن الهيثم أكبر علماء البصريات، وجابر بن حيان أشهر الكيمائيين.
وكان العرب رواداً في التربية والتعليم... ثم يقول وعندما ظهر النوابغ والعلماء في عصر النهضة الأوروبي فإن نبوغهم وتقدمه كان راجعاً إلى أنهم وقفوا على أكتاف العمالقة من العالم الإسلامي).
لقد سبق عالمنا هذا وأمثاله علماء الغرب الذين زعم الغرب أنهم أصحاب الاكتشافات والقوانين والنظريات العلمية وشرعنا نحن نردد ذلك دون وعي، أمثال روجر بيكون، وديكارت، وكوبرنيكوس، ونيوتن، وجاليلو، ولم نشر أو نذكر شيئاً عن ابن الهيثم وابن سينا والرازي والبيروني وابن جبير وأمثالهم!!
إن من أولئك الأعلام العمالقة والعلماء المكتشفين حقاً الحسن بن الهيثم ذلك العالم الذي تميز بأخلاق البحث الإسلامي الذي يجعل الحق، والعمل دليلاً من دلائل قدرة الله وبذلك توصل إلى حقائق وقعد قواعد لم يسبق إليها، وكشف عن نظريات علمية مهمة في علوم الطبيعة وبين طريقة البحث بشكل عجز عنه علماء أوروبا في القرن الثالث عشر أمثال: روجر بيكون، وليوناردو، وغيرهم ممن يعتبرهم الأوروبيون مؤسسي المنهج العلمي الحديث!! ومن تلك النظريات التي سبق إليها ابن الهيثم ـ رحمه الله ـ علم المناظر، أو الضوء والإشعاع وبينهما من خلال تجارب علمية دقيقة واضحة.
التعريف به:
اسمه: الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري .
لقب ببطليموس الثاني .
وقيل: هو الحسن بن الحسين بن الهيثم .
وقيل: محمد بن الحسن والأول أصح وأشهر .
ميلاده: ولد نحو عام 354هـ وتوفي في عام 430هـ .
(الموافق عام 965 وعام 1029م) بالقاهرة .
تخصصه:
مهندس له في فنون الهندسة وآراء ومؤلفات، وفلكي، ورياضي، بارع وطبيب حاصل على الإجازة في الطب، له تصانيف عديدة، بلغ خبره الحاكم الفاطمي – صاحب مصر – ونقل إليه قوله: ( لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملاً يصلح به النفع في كل حالة من حالاته، فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عال، وهو في طرف الإقليم المصري)، فدعاه الحاكم إليه، وخرج للقائه، وبالغ في إكرامه، ثم طالبه بما وعد من أمر النيل، فذهب في بعثة علمية حتى بلغ الموضع المعروف بالجنادل (قبلي مدينة أسوان) فعاين ماء النيل واختبره من جانبيه وضعف عن الإتيان بشيء جديد في هندسته، واعتذر بما لم يقنع الحاكم، فولاه بعض الدواوين فتولاها خائفاً، ثم تظاهر بالجنون، فضبط الحاكم ما عنده من مال ومتاع وأقام له من يخدمه، وقيد وترك في منزله . فلم يزل إلى أن مات الحاكم، فأظهر العقل، وخرج من داره، فاستوطن قبة على باب الجامع الأزهر، وأعيد إليه ماله فانقطع للتصنيف والإفادة إلى أن توفي .
ولعل لاعتذاره سبباً وملابسات منعته مما أراد . والله أعلم .
وواضح أنه كان يقصد بتلك الفكرة ـ التي لم تخرج إلى حيز العمل ـ بناء السد العالي وذلك لقوله: (فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عال، وهو في طرف الإقليم المصري)، بل إن الدكتور أحمد شوقي الفنجري يؤكد ذلك فيقول: وهناك اختار الحسن بن الهيثم الموقع لإقامة السد، وهو نفس الموقع الذي أصبح فيما بعد السد العالي) ثم يعتذر عنه ـ ولا يبعده الصواب في ذلك ـ فيقول: (ولكن ابن الهيثم بعد طول الدراسات والتجارب تبين أنه من المستحيل بناء سد على النيل بهذه الضخامة وبإمكانات ذلك العصر اليدوية، وأن ذلك يحتاج إلى معدات هائلة ومتطورة) .
ويكفي في هذا أنه سبق إلى فكرة السد العالي التي يعدها اليوم الحكام المصريون والروس من أكبر مفاخرهم
بقلم: العربى الصغير
الإسلام دين العلم والمعرفة، غير الله به المخاطبين وقت نزوله، وكل من يؤمن به إلى يوم القيامة، تغيراً جذرياً وسماً بأفكارهم إلى آفاق بعيدة لا يحدها زمان أو مكان، ودعا إلى العلم والبحث والنظر، ومن هنا كان المسلمون أصحاب ريادة في العلوم كلها فتعلموا الدين والعلم، ووظفوا العلم في خدمة الدين، ولم يجدوا إشكالية الصراع بين الدين والعلم كما هي في الحضارة الغربية، فأول ما نزل من القرآن قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم).
وبعد نصر الله في يوم الفرقان أطلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سراح بعض الأسرى مقابل تعليم عدد من أبناء المسلمين.
وبدأت الأمة تتحول تدريجياً من أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب ولا تحسب، وتستعيض عن ذلك بالحفظ إلى أمة تحفظ وتكتب وتحسب، وبلغت ترجمة العلوم المختلفة ذروتها في عهد الدولة العباسية.
وواصل علماء المسلمين تهذيب تلك العلوم، والإضافة عليها ولم يقفوا عند ذلك الحد بل أبدعوا واخترعوا أشياء كثيرة لم يسبقوا غليها، وبعد توقف تقدم الأمة الإسلامية لأسباب داخلية وخارجية شرع الغرب يبني حضارته العلمية على ما وقف عنده المسلمون، وفصل بين العلم والدين، ولم يكن نزيها في اقتباسه وإفادته من علوم المسلمين، حيث نسب كثيراً من اكتشافات علماء المسلمين إلى علمائه، وقليل من اعترف بسبق المسلمين في ذلك، وأكتفي هنا باعتراف علم من أعلامهم هو نيكسون ـ رئيس أمريكي سابق ـ حيث قال: (إنه بينما كانت أوربا ترتع في غياهب العصور الوسطى كانت الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها لقد أسهم الإسلام كثيراً في تقدم العلم والطب والفلسفة، ثم ينقل قول (ديور انت): إن المسلمين قد أسهموا مساهمة فعالة في كل المجالات وكان ابن سينا من أكبر العلماء في الطب ومثله الرازي، والبيروني، أعظم الجغرافيين، والحسن بن الهيثم أكبر علماء البصريات، وجابر بن حيان أشهر الكيمائيين.
وكان العرب رواداً في التربية والتعليم... ثم يقول وعندما ظهر النوابغ والعلماء في عصر النهضة الأوروبي فإن نبوغهم وتقدمه كان راجعاً إلى أنهم وقفوا على أكتاف العمالقة من العالم الإسلامي).
لقد سبق عالمنا هذا وأمثاله علماء الغرب الذين زعم الغرب أنهم أصحاب الاكتشافات والقوانين والنظريات العلمية وشرعنا نحن نردد ذلك دون وعي، أمثال روجر بيكون، وديكارت، وكوبرنيكوس، ونيوتن، وجاليلو، ولم نشر أو نذكر شيئاً عن ابن الهيثم وابن سينا والرازي والبيروني وابن جبير وأمثالهم!!
إن من أولئك الأعلام العمالقة والعلماء المكتشفين حقاً الحسن بن الهيثم ذلك العالم الذي تميز بأخلاق البحث الإسلامي الذي يجعل الحق، والعمل دليلاً من دلائل قدرة الله وبذلك توصل إلى حقائق وقعد قواعد لم يسبق إليها، وكشف عن نظريات علمية مهمة في علوم الطبيعة وبين طريقة البحث بشكل عجز عنه علماء أوروبا في القرن الثالث عشر أمثال: روجر بيكون، وليوناردو، وغيرهم ممن يعتبرهم الأوروبيون مؤسسي المنهج العلمي الحديث!! ومن تلك النظريات التي سبق إليها ابن الهيثم ـ رحمه الله ـ علم المناظر، أو الضوء والإشعاع وبينهما من خلال تجارب علمية دقيقة واضحة.
التعريف به:
اسمه: الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري .
لقب ببطليموس الثاني .
وقيل: هو الحسن بن الحسين بن الهيثم .
وقيل: محمد بن الحسن والأول أصح وأشهر .
ميلاده: ولد نحو عام 354هـ وتوفي في عام 430هـ .
(الموافق عام 965 وعام 1029م) بالقاهرة .
تخصصه:
مهندس له في فنون الهندسة وآراء ومؤلفات، وفلكي، ورياضي، بارع وطبيب حاصل على الإجازة في الطب، له تصانيف عديدة، بلغ خبره الحاكم الفاطمي – صاحب مصر – ونقل إليه قوله: ( لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملاً يصلح به النفع في كل حالة من حالاته، فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عال، وهو في طرف الإقليم المصري)، فدعاه الحاكم إليه، وخرج للقائه، وبالغ في إكرامه، ثم طالبه بما وعد من أمر النيل، فذهب في بعثة علمية حتى بلغ الموضع المعروف بالجنادل (قبلي مدينة أسوان) فعاين ماء النيل واختبره من جانبيه وضعف عن الإتيان بشيء جديد في هندسته، واعتذر بما لم يقنع الحاكم، فولاه بعض الدواوين فتولاها خائفاً، ثم تظاهر بالجنون، فضبط الحاكم ما عنده من مال ومتاع وأقام له من يخدمه، وقيد وترك في منزله . فلم يزل إلى أن مات الحاكم، فأظهر العقل، وخرج من داره، فاستوطن قبة على باب الجامع الأزهر، وأعيد إليه ماله فانقطع للتصنيف والإفادة إلى أن توفي .
ولعل لاعتذاره سبباً وملابسات منعته مما أراد . والله أعلم .
وواضح أنه كان يقصد بتلك الفكرة ـ التي لم تخرج إلى حيز العمل ـ بناء السد العالي وذلك لقوله: (فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عال، وهو في طرف الإقليم المصري)، بل إن الدكتور أحمد شوقي الفنجري يؤكد ذلك فيقول: وهناك اختار الحسن بن الهيثم الموقع لإقامة السد، وهو نفس الموقع الذي أصبح فيما بعد السد العالي) ثم يعتذر عنه ـ ولا يبعده الصواب في ذلك ـ فيقول: (ولكن ابن الهيثم بعد طول الدراسات والتجارب تبين أنه من المستحيل بناء سد على النيل بهذه الضخامة وبإمكانات ذلك العصر اليدوية، وأن ذلك يحتاج إلى معدات هائلة ومتطورة) .
ويكفي في هذا أنه سبق إلى فكرة السد العالي التي يعدها اليوم الحكام المصريون والروس من أكبر مفاخرهم